رابعا : عادة القبالة ...


          هي المرحلة الرابعة في هذه الأحكام ، وهي البند الرابع في قانون الدماء ، وهي ختم التوثيق للحكم القبلي ، والذي سيسقط إن لم تتم هذه المرحلة !!  وفوق هذا فهي مآل الجيرة ومحطتها الأخيرة ، فلا تفسخ الجيرة ولا يُبيّض لأهلها إلا بعد تحديد هذا القبيل ، وحمله لواء الجيرة بعد القبيلة المجوّرة !!

والقبالة هي اختيار قبيلة الجاني لرجل من قرابة المجني عليه ، يضمن التزام قرابته بالحكم ، وتنفيذ بنوده ، وتبقى هذه القبالة في ورثته من بعده .
وتتسلسل عادة القبالة من خلال أعمالها التالية :

- تختار قبيلة الجاني قبيلا من قرابة المجني عليه يضمن التزام قرابته بالحكم القبَليّ ، ويعطونه مبلغاً من المال يسمى ثوب القبالة ، وسلاحا يرمز إلى القوة ، وتعلن قرابة المجني عليه بقبول قبالة قريبهم عليهم.

- تنتقل الجيرة من القبيلة المجوِّرة الى القبيل تحت مسمى القبالة وتبقى هذه القبالة في ورثته إرث لهم ولمن بعدهم .

- يقولون في قانونهم " القبيل نكّاس حربة " !! تعبيرا عن سرعة مبادرته إلى إراقة الدماء !!
فلو اعتدت قرابة المجني عليه على أحد من قرابة الجاني بعد تعيين القبيل وقبول قبالته ، فان القبيل يأخذ الثأر لقبالته من قرابة المجني عليه الذين هم قرابته ومن أي فرد منهم .

وهنا برزت قضية إراقة الدماء وتهديدها مرة ثالثة منذ بدء هذا المسلسل الدموي !! وتحت حجة حماية الدماء !! 

ومن الملاحظ هنا أن عادة المثار قد استعبدت الناس !! وغرزت أنيابها في مجريات حياتهم ، وقامت عليها بنود قانون الدماء الجاهلي المسيطر عليهم ، فدارت عليه عاداتهم وأعرافهم وقوانينهم .

وإن ما تضمنته عادة الجيرة من المفاسد والمخالفات تنسحب تماما على عادة القبالة ، فهي الوريث لعادة الجيرة في ضمان الأمان بزعمهم والالتزام بأحكامهم ، بل زادت عليها أن تهديد دماء المجني عليه وقراباته تكون على يد قريبها وليس على يد أحد بعيد !!

ولا أدري ... هل من الممكن أن يحتج أحد بشرعية القبيل في الإسلام من القرآن أو السنة ؟!!
وجوابه أن القبيل في الشريعة ملتزم بأحكام شريعته الإسلامية ، محقّق لمصالحها العظيمة دون ميل أو حيف أو اعتداء جاهلي ..
أما القبيل في الحكم القبليّ ، فقد خضع لتلك العادات وما تمليه من أحكام والزامات ، ما أنزل الله بها من سلطان .