خاتمة ... وتوصيات ...


خاتمة :
               تم في هذا التقرير بحمد الله ، عرضٌ لحقيقة العادات والأحكام القبَليّة في الدماء ... ابتداءً بتقديم مسائل شرعية تأصيلية ذات علاقة مباشرة بموضوع التقرير ، بدءاً بتكريم الله U للإنسان ، ثم تحميله أمانته المتمثلة في توحيده ، فكان التوحيد أعلى وأجلّ كرامة للإنسان .
كما تم بيان منزلة تحكيم الشريعة في العقيدة ... التي لا تصح ولا تتم الا به ، وبعده بيان وجوب تحكيم الشريعة ونبذ غيرها ، مما هو حكم بغير ما أنزله الله U ، ثم بيان خطورة الجرأة على دماء المسلمين .
ثم تمّ عرض خطورة هذه العادات على التوحيد ، بداية من خطورة نقضها للتوحيد بالكليّة ، ثم كيف تعامل النبي r معها ، وأين وضعها ؟! وأين وضعها علماء الشريعة اقتداء بنبيّهم الكريم r ؟! .
ثم استعراض مكوّنات هذه العادات والأحكام القبَليّة ، وكيف تركّزت على تهديد دماء المسلمين في كل مراحلها ؟!!  وتوضيح ما انطوت عليه من مخالفات عقدية وشرعية ، وتأييد ذلك بفتاوى وكلام العلماء ، ثم عرض الشبه حولها والجواب عليها .
وأخيرا ... تقرير الواجب على المؤمنين تجاه ذلك كله .
ولقد تبيّن جليا فيما مضى ... من نصوص الشريعة وكلام وفتاوى العلماء أن هذه العادات والأحكام القبَليّة خطر وهلاك للتوحيد أولا ، ثم للنفوس والدماء والأعراض والأموال  ثانيا .
  ============= 
توصيات :

1- دعوة هدى ورشد لمشايخ وأعيان القبائل :
هذا سعد بن معاذ رضي الله عنه لما أسلم وخالط الإيمان مشاش قلبه، ساق أهله وقبيلته إلى الهدى والإيمان في موقف واحد ... وهو خير مثال يُحتذى ...
فإنه يوم أسلم ، أقبل على قومه ، فقال لهم :  يا بني عبد الأشهل ... كيف تعلمون أمري فيكم ؟  قالوا : سيدنا ، وأفضلنا رأيا ، وأيمننا نقيبة، قال : فإنّ كلامكم ... رجالكم ونساءكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله ...  فما أمسى منهم رجل ولا امرأة إلا مسلما أو مسلمة " .

إن هذا الموقف من سعد رضي الله عنه ترجمان عملي لحديث رسول الله r : " من التمس رضا الله بسخط الناس ، رضي الله عنه  وأرضى عنه الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله ، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس " 
فهذه ... دعوة لمشايخ القبائل وأعيانها وعقلائها ، أن يقدموا رضا  الله U على رضا من سواه ففي ذلك الخير كله، وأن يكونوا من المصلحين المأجورين عند الله U بعظيم الأجر ، ولا يقبلوا بغير ذلك مهما تداعت له نفوسهم ... وأن يسعوا إلى أن يصلحوا صلحا شرعيا بين الناس ... لا أن يحكموا بأحكام ما أنزل الله بها من سلطان !!

وإن مما يسُرّ  ويشَرّف أن بعض مشايخ وأعيان القبائل أعلن البراءة  إلى الله U من هذه العادات ، وأعلن التزامه بما تمليه الشريعة في ذلك ... فشكر الله لهم ، ولا حرمهم عظيم الأجر ... وإن الواجب على الجميع أن يسعوا إلى إبطال كل ما يدور بين الناس من منكرات وعادات مرفوضة في ميزان الإسلام ، ثم يصلحوا بين الخصوم بما يرضي الله U أولا ، ثم بما يرضي نفوسهم ويؤلف بين قلوبهم ، حتى يكونوا إخوانا مؤمنين .

وليعلم مشايخ القبائل وأعيانها أن ما جعله الله U لهم من الشرف والمكانة في نصرة دينه أعظم مما يتصورونه ، وخير مما يرجونه في الأحكام القبَليّة والعادات الجاهلية ، ونبراسهم في هذا حديث أبي قتادة العدوي يوم قال : أتينا على رجل من أهل البادية فقال لنا: أخذ رسول اللهr بيديّ ، فجعل يعلمني مما علمه الله U ، وقال : " إنك لا تدع شيئاً اتقاءً لله تعالى إلا أعطاك الله  U خيراً منه " .

وهذا العوض يكون بالمكانة في الدنيا والقبول بين الناس وغيرها ، وفي الآخرة بزيادة الفضل والأجر والمكانة عند الله U ، وكفى بذلك فوزا، وفلاحا ، وفخرا .
 ============  

2- واجبنا والمطلوب منا تجاه هذه العادات والقوانين القبليّة :

إن الواجب علينا بمقتضى إيماننا وتوحيدنا تجاه هذه العادات والأحكام الجاهلية عدة أمور منها :

1- وجوب تصور هذه العادات والأحكام القبَليّة على حقيقتها ، وفقا لنصوص الشريعة وكلام العلماء فيها، حتى نستطيع بيانها لأهلنا وذوينا بوضوح ، فلا نقف بلا حجة أو بحجة ضعيفة فنخذل الحق من حيث لا نشعر .

2- المبادرة بالفرار إلى الله U والبراءة من هذه العادات ، والتوبة مما سلف من الوقوع فيها أو إقرارها أو السكوت عنها ، وعلى المسلم بخاصة نفسه وليسعه بيته بمقاطعة هذه العادات ، وعدم التعامل بها ، وإنكارها حتى في أحاديث الآباء والأجداد إذا وردت مورد القصص والتعظيم ، والثبات على الحق ، فقد ثبتت خديجة رضي الله عنها ثباتا مذهلا في نصرة محمد r، ولم تأبه بكافة قريش ولم تعرهم اهتماما .

3- نشر الوعي في مجتمعنا وفي دوائرنا الاجتماعية الخاصة ، بحقيقة هذه العادات والأحكام وخطورتها على دين وإيمان المسلم ، والتحذير من الوقوع في براثنها .

4- دعوة العلماء والقضاة وطلبة العلم وزيارتهم ، وعرض هذه العادات والأحكام القبَليّة عليهم واستفتائهم فيها ، وتحديد الخطوات العملية الهامة في محاربتها والقضاء عليها .

5- تبصير مشايخ وأعيان وعقلاء القبائل بحقيقة هذه العادات الجاهلية، ومناصحتهم بضرورة تركها ، والسلامة منها ومن شرورها ، وتذكيرهم بالله والدار الآخرة .

6- التواصل مع الجهات الرسمية والتعاون معها، والمطالبة بالحد من هذه الأمور المهلكة للدين قبل الدنيا ، والاستمرار في ذلك والصبر عليه .

وختاما ... فإننا نرجو الله U أن يحقق هذا التقرير هدفه ، بتجلية حقيقة هذه العادات والأحكام القبلية للعلماء والقضاة وطلبة العلم ، وبتوضيح صورتها الحقيقية لأبناء المنطقة عموما والأخيار منهم خصوصا .

نسأل الله U أن يرفع عنا وعن أهلنا وقبائلنا ومنطقتنا ما حلّ بها، وأن يجعل هذا العمل نافعا لعباده ، خالصا لوجهه الكريم ،،،

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،